في الحلقة الثامنة من البرنامج، كان لنا لقاء مختلف مع الكوتش سامي الجمل، مدرب رياضة الجوجوتسو، الذي لا يرى الرياضة مجرد تمارين أو بطولات، بل فلسفة متكاملة، تُعيد تشكيل الشخصية وتُغرس في المتدرب قيمًا عميقة مثل الاحترام، التواضع، والتحكم بالنفس.
لم يكن الكوتش سامي يخطط أن يكون مدربًا، لكنه كان دائم السعي نحو الأفضل، وكان يتدرب على يد نخبة من المدربين العالميين، بفضل خلفيته كرجل أعمال ناجح. ومع عودته إلى الأردن وافتتاح والده لمشروع رياضي، قرر أن يترك كل شيء خلفه، ويتفرغ لتقديم الجوجوتسو كرسالة، وليس كعمل فقط.
يؤمن الكوتش سامي أن الجوجوتسو رياضة مختلفة لأنها قتالية، ومرتبطة بمواجهة حقيقية للمخاطر، وربما الموت. لكنها أيضًا تحمل بعدًا عميقًا في بناء الإنسان؛ حيث تعزز الثقة بالنفس، وتُعلم متى تبدأ القتال ومتى تنهيه، وما إن كان القتال هو الخيار الصحيح أصلًا.
استلهم هذا الفهم من كتاب Bushido، الذي يرى فيه دليلًا على أن القتال منهج حياة، فيه يتعلم الإنسان كيف يتصرف مع الآخرين ومع نفسه أيضًا.
يفرق الكوتش سامي بين أن تكون مدربًا جيدًا، وبين أن تكون صانع مدربين. فالثانية تتطلب وعيًا أكبر، وقدوة حقيقية، ومهارات قيادية. وهو يرى أن الأردن غني بالكفاءات، ويستطيع أن يُخرج جيلًا من المدربين المميزين، إذا استثمرنا بهم بشكل حقيقي.
كما يشير إلى أن الوصول لمدرب جيد في الجوجوتسو قد يحتاج خمس إلى عشر سنوات من التدريب الجاد، فهي لعبة مكلفة وثقيلة وتتطلب التزامًا حقيقيًا.
من سن 3.5 سنوات، يبدأ الأطفال في تعلم الأساسيات الحركية، كالمشي والجلوس، ثم تتطور المهارات تدريجيًا. أما المراهقون، فهم بحاجة لاحتواء خاص، فهم يعيشون حالة من الرفض والاختراق الداخلي، ويظنون أنهم يعرفون كل شيء، بينما هم بحاجة لمن يرشدهم ويفهمهم. وهنا يكون المدرب هو الجسر بين الطفل أو المراهق، وذاته ومجتمعه.
يرى الكوتش سامي أن المدرب ليس فقط من يعطي التمارين، بل هو من يملأ الفجوة بين الأهل والأبناء، خصوصًا في هذا الزمن الذي قل فيه التوجيه. يقول: "الأهل لا يدفعون مقابل التمرين، بل يدفعون ثمن العناية."، ولهذا على المدرب أن يكون قدوة، ويبني الثقة أولًا، دون تكبر أو استعراض.
يرى الكوتش أن أفضل أساليب التدريب ليست بالضرورة في الكتب أو الفيديوهات، بل في المبادئ التي يحملها المدرب:
لأنه، كما يقول، "ما تعطيه واحد، يعود إليك عشرة من الله."
ما قدمه الكوتش سامي الجمل في هذه الحلقة هو دعوة لإعادة فهم التدريب الرياضي، ليس فقط كأداة لبناء العضلات، بل كوسيلة لبناء الإنسان من الداخل. فالجوجوتسو، كما وصفها، ليست مجرد رياضة، بل مهمة إنسانية وثقافية، تبدأ من احترام الجسد وتنتهي باحترام الحياة