في الحلقة العاشرة من سلسلة لقاءاتنا، استضفنا الدكتور سعيد الكرمي، أحد العقول المميزة في فهم العلاقة المعقدة بين التدريب، وعقلية اللاعب، والبيئة الرياضية. تناول الدكتور الكرمي موضوعات في غاية الأهمية تتعلق بنمو اللاعب، وتأثير المدرب، وصناعة بيئة رياضية تُخرج لاعبين متوازنين نفسيًا وذهنيًا، وليس فقط بدنيًا.
أكد الدكتور الكرمي أن تأثير المدرب على اللاعبين عميق وجوهري، وأن البيئة التي يُدرَّب فيها اللاعب تشكل جزءًا كبيرًا من شخصيته وأدائه. وهذا يقودنا إلى أحد أبرز المفاهيم التي طرحها: المنظومة المتكاملة LTAD (Long-Term Athlete Development)، وهي منهجية تهدف إلى تحقيق هدفين رئيسيين:
يرى الدكتور الكرمي أن لكل لاعب طريقته الخاصة في التفاعل، ولهذا يجب أن يملك المدرب وعياً عميقًا بكيفية التعامل مع كل فرد. خصوصًا في المراحل الحرجة، مثل:
هنا، على المدرب أن يُذكّر اللاعب بأنه منافس طبيعي لخصمه، مهما كانت إنجازات هذا الخصم. لا يجب أن يتحول الخصم إلى "وحش ذهني"، بل إلى منافس بشري قد تتفوق عليه.
من خلال ملاحظات دكتور الكرمي، أشار إلى أن العديد من اللاعبين يبدون متشابهين في الطفولة، لكن مع وصولهم لسن 18 عامًا، تبدأ الفجوة بالظهور، ويرتبط ذلك بعوامل مثل:
أوضح الدكتور الكرمي أن اللاعب الملتزم فعلاً هو من يستمر في التدريب حتى عندما لا يشعر بالرغبة. تلك اللحظات التي يضغط فيها اللاعب على نفسه لأداء التمرين، رغم عدم الحافز، هي الفيصل بين اللاعب الجيد والعظيم.
طرح الدكتور سعيد فكرة عميقة: أن كثيرًا من اللاعبين يعانون من آلام غير مبررة بدنيًا، يكون مصدرها الضغط والتوتر. دور المدرب هنا ليس فقط في التأكيد أن الألم غير حقيقي، بل في فهم أسبابه النفسية والتعامل معها بذكاء ووعي.
شدد الكرمي على أهمية أن يكون المدرب ملمًا بأساسيات علم النفس التنافسي. لأن طريقة تحفيزه للاعب، أو طريقة تعامله مع حساسية شخصيته، تؤثر بشكل مباشر على توازنه الذهني. في بعض الأحيان، التحفيز الزائد قد يخلق قلقًا بدلاً من الحماس.
أما عند الحديث عن الأطفال، فرؤية الدكتور سعيد كانت واضحة: البيئة الآمنة هي الأساس. فالطفل يحتاج إلى أن يُعطى المساحة ليجرب، ويخطئ، ويحاول مرارًا، لتنمو لديه صفات مثل:
من أهم صفات المدرب الناجح حسب الدكتور الكرمي:
أما الصفات غير المحببة، فقد تُركت دون ذكر صريح، لكنها ضمنيًا تتجسد في الجمود، القسوة المفرطة، وعدم الفهم النفسي للاعبين.
أكد الدكتور سعيد الكرمي أن التدريب الرياضي الناجح لا يُقاس فقط بعدد الميداليات، بل بمدى تأثيرك على عقلية اللاعب وسلوكه وطريقته في رؤية الرياضة كجزء من حياته.
المدرب ليس مجرد منسق لتمارين، بل قائد نفسي وتربوي، وصانع بيئة، يهيئ اللاعب لأن يكون رياضيًا اليوم، وإنسانًا سويًا مدى الحياة.